روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | عدة الداعي.. الفهم الدقيق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > عدة الداعي.. الفهم الدقيق


  عدة الداعي.. الفهم الدقيق
     عدد مرات المشاهدة: 3239        عدد مرات الإرسال: 0

تقديم العلم على العمل ضروري للداعية حتى يعلم ما يريد ليقصده ويصل إليه، وما يقوم به الداعية ينسب لله رب العالمين؛ فكان لزاما على من يدعو إلى الله أن يكون على علم وبصيرة بما يدعو إليه، وعلى دراية بمشروعية ما يقول ويفعل؛ حتى لا يقع في الخبط والخلط والقول على الله ورسوله بغير علم.

 

فالعلم لازم من لوازم الدعوة، وأصل في تكوين الداعية، وضابط العلم المقصود هنا هو ما قام عليه الدليل الشرعي.

وإذا كان فضل العلم مذكورا، فكذلك الداعي إليه مكان غير منكور {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة: 11].

وفي الحديث عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر» رواه الترمذي وأبو داود وأحمد.

وقال الإمام أحمد: الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب. لأنهم يحتاجون إليهما في اليوم مرة أو مرتين، وحاجتهم إلى العلم بعدد أنفاسهم.

مقصود الفهم الدقيق:

إنما نعني بالفهم الدقيق هنا ما وراء مجرد العلم والحفظ، ألا وهو الغاية من العلم والمقصود من وراء تعلمه، وهو أثر العلم على صاحبه.

يقول الشيخ عبد الكريم زيدان في كتابه أصول الدعوة: ومن العلم العزيز النادر الذي يغفل عنه الكثيرون- مع دلالة القرآن عليه وتصريحه به والدعوة إليه- علم طريق الآخرة الذي يهيج القلب ويزعجه ويدفعه إلى سلوكه، ويشعر صاحبه بغربته في الدنيا وقرب رحيله عنها إلى سفر بعيد لا يرجع بعدة إلى دنياه ولا ينفع فيه زاد إلا التقوى، ولذلك فهو دائما مشغول بإعداد هذا الزاد {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} متطلعا إلى ما هناك، إلى ما يئول إليه أمره بعد سفره البعيد، أيكون مصيره إلى نار جهنم، وفي ذلك شقاؤه العظيم، أم يكون مصيره في دار النعيم بجوار الرب الكريم؟ إنه لهذه العاقبة المجهولة يكون دائما بين الخوف والرجاء، ولكنه خوف العارف لا الجاهل، ورجاء العامل لا الخامل..

إن هذا العلم هو الذي قل وجوده بين الناس وبين طلاب العلم، وبدونه لا يعتبر العالم عالما، وإن حفظ الشروح والمتون والأحكام وملأ رأسه منها ورددها على لسانه..

إن هذا العلم هو لب العلم وغايته، وكل مسلم محتاج إليه، والعالم أشد حاجة إليه، والداعي أحوج من الجميع إليه..

إن هذا العلم هو الذي نسميه (الفهم الدقيق) وهو الذي فقهه الصاحبة الكرام، وأشربت به عقولهم وقلوبهم فضنوا بوقتهم أن يذهب سدى في غير طاعة الله والدعوة إليه، فنشطت جوارحهم في العبادة والجهاد في سبيل الله والدعوة إليه حتى أتاهم من ربهم اليقين.

تدبر القرآن والسنن:

يقوم الفهم الدقيق على تدبر معاني القرآن ومداومة النظر فيها، والوقوف عندها والتغلغل في مراميها ومقاصدها، فإن القرآن الكريم لهذا أنزل {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} [ص: 29].

وبهذا التدبر سيقف الداعي على دعوة الرحمن وعاقبتها، ودعوة الشيطان ومآل أهلها، وهذه المعرفة تميز للداعي بين الحق والباطل، وتجعل له فرقانا وتضيء له نورًا يفرق به بين الهدى والضلال والغي والرشاد، فينشرح صدره، ويبتهج قلبه، ويتعلق بالآخرة الباقية، ويعزف عن الدنيا الفانية، ويصير له شأن وللناس شأن آخر.

وإنما يتأتي هذا الفهم ويتم مقصوده إذا عرف المرء غايته في الحياة وعمل بهذه المعرفة.

فمهمة العبد في هذه الدنيا وغايته منها هو عبادة الله وحده، والجهاد في سبيله، يجاهد نفسه حتى يحملها على الطاعة ويبعدها عن المعصية، ويجاهد بقلمه ولسانه وماله ويده في سبيل الله حتى تعلو كلمة الله ويستنير البشر بنور الإسلام، ولا مجال للتخلي عن هذه المهمة الشريفة، وهذه المكرمة العظيمة التي أكرمه الله بها.

وهذه المعرفة لابد لها من عمل وأثر؛ فيكون معها قطع التسويف وقصر الأمل مع الإحساس بالغربة في هذه الحياة، فليس أفسد للقلب من التعلق بالدنيا والركون إليها وإيثارها على الآخرة، وهيهات لقلب فاسد مريض أن يقوى على مهام الدعوة إلى الله تبارك وتعالى {فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم} … صدق الله العظيم.

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية.